إسرائيل تهاجم تركيا- غزة، الموساد، وعمليات الاستخبارات التركية المضادة.

تواجه تركيا، للمرة الثانية، هجمة سرية من قبل إسرائيل، وتتمحور القضية مجدداً حول الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ففي شهر ديسمبر/كانون الأول من سنة 2008، أقدم الجيش الإسرائيلي على قتل آلاف الأبرياء في غزة، خلال عملية أُطلق عليها اسم "الرصاص المصبوب"، مخلفة وراءها دماراً هائلاً وحزناً عميقاً.
في ذلك الوقت العصيب، قام رئيس الوزراء التركي آنذاك، رجب طيب أردوغان، بتوبيخ رئيس إسرائيل شيمون بيريز أمام أنظار العالم أجمع، وذلك في 29 يناير/كانون الثاني 2009 في دافوس، حيث قال له بكل صراحة ووضوح: "أنتم تجيدون فن قتل الأبرياء".
لم تكن تركيا لتتخلى عن سكان غزة المنكوبين، ففي عام 2010، أرسلت سفن إغاثة محملة بالمساعدات الإنسانية نحو غزة، ولكن الجنود الإسرائيليين اعترضوا طريقها وهاجموا سفينة مافي مرمرة في 31 مايو/أيار 2010، مما أدى إلى استشهاد 10 أشخاص وإصابة 60 آخرين بجروح خطيرة، في عمل مشين يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية.
عقب هذه الأحداث المؤسفة، بدأت الهجمات "الخفية" الإسرائيلية في تركيا تتكثف؛ فعلى الرغم من صدور مذكرات توقيف بحقه في تركيا، قام الزعيم الروحي لما يسمى "منظمة فتح الله الإرهابية"، فتح الله غولن – المقيم في الولايات المتحدة – بتوجيه اتهامات باطلة لتركيا في 4 يونيو/حزيران 2010 في مقال نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية؛ بسبب حادثة سفينة مافي مرمرة، مدعياً أن "التحرك دون موافقة إسرائيل يعتبر تمرداً على السلطة". وهكذا، كشف الموساد الإسرائيلي، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، عن استخدامهما لمنظمة الإرهاب "فيتو FETÖ" في تركيا لتحقيق أهداف خبيثة.
وفي 7 يونيو/حزيران 2010، كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بوضوح أن الموساد كان يشعر بقلق بالغ إزاء تعيين هاكان فيدان رئيساً للاستخبارات الوطنية التركية، الأمر الذي أثار حفيظتهم وضيقهم.
وفي 1 أغسطس/آب 2010، تجلى الهجوم بشكل سافر؛ حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، إيهود باراك، عدم ثقته بهاكان فيدان، معللاً ذلك باحتمال قيامه بتسريب معلومات حساسة إلى إيران، في محاولة لتشويه سمعته وتقويض مكانته.
هجمات مفتوحة
بعد هذا التاريخ، أصبح رئيس الوزراء التركي أردوغان وحكومته هدفاً رئيسياً لـ "غولن"، زعيم "فيتو FETÖ" المقيم في الولايات المتحدة، والمتسللين إلى مفاصل الدولة في الاستخبارات والشرطة والقضاة والمدعين العامين.
وفي 7 فبراير/شباط 2012، جرت محاولة بائسة لاعتقال رئيس الاستخبارات هاكان فيدان، تلتها عمليات مشبوهة في 17/25 ديسمبر/كانون الأول 2013، وتوقيف شاحنات الاستخبارات التركية في يناير/كانون الثاني 2014، وعملية سلام تم تحييدها، والتي كانت جميعها محاولات يائسة من قبل "فيتو FETÖ"، التي تلقت دعماً غير محدود من إسرائيل والولايات المتحدة، للإطاحة بحكومة أردوغان المنتخبة ديمقراطياً من خلال عمليات قضائية صورية. وبعد فشل هذه المحاولات الخبيثة، قامت "فيتو FETÖ"، مدعومة بكل قوة من إسرائيل والولايات المتحدة، بمحاولة انقلاب عسكري فاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، ولكنها باءت بالفشل الذريع أيضاً.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواجه تركيا مرة أخرى إسرائيل بسبب الإبادة الجماعية المروعة في غزة. فتركيا، التي أبدت استنكاراً شديداً للإبادة الجماعية في غزة منذ اللحظة الأولى، تواجه تهديدات وهجمات "مفتوحة" و"خفية" من إسرائيل، ولكن هذه المرة لم تستهدف إسرائيلُ تركيا وحدها، بل شملت أيضاً قطر ولبنان في محاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وفي 1 ديسمبر/كانون الأول 2023؛ نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريراً يفيد بأن إسرائيل تخطط لاغتيال قادة حركة حماس في مختلف أنحاء العالم بعد انتهاء الحرب. وذكرت الصحيفة أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية بدأت بالفعل في التخطيط لاستهداف قادة حماس الذين يقيمون في تركيا ولبنان وقطر. وأشار مسؤولون إلى أن هذا الأمر صدر بتعليمات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وكان نتنياهو قد أعلن في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، في تل أبيب، أنه أمر جهاز الموساد بالتحرك الفوري ضد قادة حماس أينما تم تحديد مواقعهم.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن تصريحات نتنياهو تلمح بوضوح إلى أن قادة حماس قد يتم استهدافهم خارج قطاع غزة، حتى في دولة قطر. ولم يمض وقت طويل حتى بث التلفزيون الإسرائيلي تسجيلات صوتية لرئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، رونين بار، الذي صرح فيها قائلاً: "سنقوم بقتل قادة حماس أينما كانوا، سواء في غزة أو قطر أو تركيا أو لبنان… حتى لو استغرق الأمر سنوات طويلة. فالحكومة الإسرائيلية قد كلفتنا بمهمة واضحة: القضاء التام على حماس. ونحن مصممون على تحقيق ذلك مهما كلف الأمر. هذه هي ميونيخنا الجديدة".
وفعلاً، في 3 يناير/كانون الثاني 2024، اغتيل "الرقم الثاني" في حركة حماس، صالح العاروري، وثلاثة آخرون في العاصمة اللبنانية بيروت بواسطة طائرة مسيرة إسرائيلية مسلحة، في عمل إجرامي يهدف إلى تصفية المعارضين.
وقد أعربت تركيا، منذ البداية، عن أشد ردود الأفعال تجاه مثل هذه العمليات العدوانية التي ترتكبها إسرائيل.
ردود تركية حازمة
وأفادت مصادر استخباراتية تركية لوكالة الأناضول الرسمية قائلة؛ إنه تم توجيه التحذيرات اللازمة إلى الأطراف المعنية؛ استناداً إلى التقارير المنشورة في الصحافة الدولية، والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين والتي تفيد بأن إسرائيل ستستهدف أعضاء حركة حماس الذين يقيمون خارج فلسطين، بمن فيهم المقيمون في تركيا، وأن أي تصرف من هذا القبيل سيكون له عواقب وخيمة لا يمكن تصورها.
وأكد المسؤولون الأتراك أن وكالات الاستخبارات المختلفة حاولت في السابق تنفيذ عمليات غير قانونية على الأراضي التركية، مشددين على أنه لن يُسمح على الإطلاق بأي من عمليات هذه الوكالات المشبوهة.
وجاء أقوى وأوضح ردود فعل تركيا من الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه، الذي حذّر إسرائيل بلهجة شديدة قائلاً: "إذا ارتكبوا مثل هذا الخطأ الفادح، فسوف يدفعون ثمنًا باهظًا للغاية".
وتواصلت العمليات الأمنية المكثفة ضد عملاء الموساد الإسرائيلي، والتي بدأت في عهد هاكان فيدان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الوطنية التركية، والذي يشغل حالياً منصب وزير الخارجية، بسرعة وثبات تحت قيادة إبراهيم كالين. ففي شهر يناير/كانون الثاني؛ ردت رئاسة الاستخبارات الوطنية التركية بعملية نوعية أُطلق عليها اسم "كوستبيك/نيكروبوليس" على التهديدات الصريحة التي أطلقها رئيس وزراء إسرائيل وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المختلفة.
وتعتبر هذه العملية هي العملية الرابعة الكبيرة والناجحة ضد جهاز الموساد الإسرائيلي التي نفذتها الاستخبارات الوطنية التركية منذ عام 2021. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021؛ تم تنفيذ "عملية موتيني" التي استهدفت 29 شخصًا مشتبهاً بهم، وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، تم اعتقال 68 عميلاً متورطاً في "عملية نيوبلاز"، وفي شهر أبريل/نيسان 2023، تم استهداف 17 عميلاً في "عملية نيكبت"، وأخيراً، تم استهداف 46 شخصًا في عملية "كوستبيك/نيكروبوليس" الأخيرة.
وكانت العملية الأخيرة بمثابة رد مزلزل وذا مغزى على رئيس الوزراء الإسرائيلي – الذي يهدد تركيا باستمرار – والموساد الذي توعد بتنفيذ اغتيالات على الأراضي التركية. فبالتعاون الوثيق مع مديرية الأمن العام، نفذت الاستخبارات الوطنية التركية هذه العملية الدقيقة ضد 46 شخصًا، وأطلقت عليها اسم "نيكروبوليس"، وهو مصطلح لاتيني يعني "مدينة الموتى" والذي كان مستخدماً في العصور القديمة للإشارة إلى المقابر. أما اسم "كوستبيك"، الذي أعطته الشرطة، فكان يستخدم لوصف العملاء المتورطين. وهكذا انطلقت "عملية كوستبيك/نيكروبوليس" ضد 46 عميلاً يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي.
ونفذت الاستخبارات الوطنية التركية سلسلة من العمليات الناجحة ضد أجانب تم تجنيدهم كعملاء من قبل الموساد في عام 2021 وضد المحققين الخاصين والعناصر التكتيكية في عام 2022، وقامت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد 97 شخصًا، 58 منهم من جنسيات أجنبية و39 منهم مواطنون أتراك. وفي المرحلة الأولى من هذه العمليات، تم اعتقال 51 شخصًا منهم.
بالإضافة إلى ذلك؛ تم تفكيك شبكة إجرامية تتألف من سلجوق كوجوككايا و16 شخصًا آخرين كانوا يلتقون بانتظام مع العملاء الإسرائيليين في الخارج وينفذون المهام الدنيئة التي تم تكليفهم بها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية في شهر أبريل/نيسان 2023. وأخيراً، تم إحباط محاولة سافرة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي لاختطاف المهندس الفلسطينيّ عمر البلبيسي في دولة ماليزيا.
الكشف عن طرق تجنيد العملاء
في شهر يناير/كانون الثاني 2024، كشفت عملية استخباراتية جديدة – بالتنسيق المحكم بين الاستخبارات الوطنية التركية وإدارة الاستخبارات التابعة للشرطة – عن طرق العمل السرية التي يتبعها العملاء الميدانيون التابعون لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، بالإضافة إلى أساليب عملهم الملتوية.
ووفقاً لذلك؛ يستخدم الموساد الإسرائيلي الأشخاص الذين يتم تجنيدهم في تركيا، سواء كانوا مواطنين محليين أو أجانب مقيمين، كعملاء على أساس تكتيكي بحت، أي كعملاء يعملون لفترات زمنية قصيرة الأجل، ويتم تجنيد عناصر متخصصة لاستخدامها في العمليات العدائية ضد الفلسطينيين وعائلاتهم المقيمين بشكل دائم في تركيا.
وفي هذا السياق، يتم تشجيع الأشخاص المناسبين على التواصل معهم من خلال مشاركة إعلانات وظائف وهمية أو روابط غير محددة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أو في مجموعات الدردشة السرية من قبل عناصر تابعة للاستخبارات الإسرائيلية.
ويتم تقديم مهام متنوعة ومختلفة للأشخاص الذين يستجيبون لهذه الإعلانات والروابط المشبوهة بهدف تجهيزهم بشكل تدريجي للمهمة النهائية. وبعد إتمام الاتصال الأولي، يواصل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي التواصل مع مصادره من خلال تطبيقات تليغرام وواتساب المشفرة ويتواصل مع مصادره كتابياً فقط لتجنب انكشافهم.
أما بالنسبة للمدفوعات المالية لمصادره وعملائه، فيستخدم جهاز الاستخبارات وسطاء محليين يقومون بتمرير الأموال إليهم بشكل سري. ويحاول إخفاء الأثر المالي للأموال المستخدمة باستخدام العملات الرقمية المشفرة ونظام التحويلات البنكية المعقد.
ويتم توفير الأشخاص الذين يستخدمهم الموساد الإسرائيلي كوسطاء محليين أيضاً من خلال الإعلانات الوهمية التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؛ حيث يتم إقناع الأشخاص بأن عمليات تحويل الأموال هذه تتعلق بالمراهنات والقمار غير القانونيّ بهدف التمويه والتغطية على أنشطتهم الحقيقية.
وينفذ جهاز الاستخبارات الإسرائيلي عملياته السرية من خلال هؤلاء العملاء على مراحل متتالية لتحقيق هدفه النهائي المرجو؛ حيث يقوم بذلك من خلال استخدام هؤلاء العملاء، بأعمال متعددة تشمل جمع المعلومات الدقيقة، والبحث والتحري، والتقاط الصور الفوتوغرافية وتسجيل مقاطع الفيديو للأهداف المحددة، والمتابعة والمراقبة اللصيقة، وتركيب أجهزة نظام تحديد المواقع GPS على المركبات المستهدفة، والاعتداء الجسدي والإصابة المتعمدة، والسرقة الموصوفة، والحرق العمد للممتلكات، والتهديد والابتزاز الخبيث، بالإضافة إلى إنشاء مواقع ويب مشبوهة، وتصميم صحف إلكترونية وهمية، ونشر الأخبار الكاذبة الملفقة، وغيرها من الأعمال التضليلية الممنهجة.
بالإضافة إلى ذلك؛ يشارك الموساد الإسرائيلي بشكل فعال في أنشطة إلكترونية متطورة تشمل جمع عناوين المعرف الإلكتروني IP للأهداف المحددة بعناية، واختراق الكاميرات الأمنية المثبتة في المناطق المستهدفة أو التسلل الخفي إليها، وإنشاء قواعد بيانات مفصلة وشاملة حول الأجانب المقيمين في تركيا.
من ناحية أخرى؛ تم تحديد أن الموساد الإسرائيلي يلتقي بأشخاص يعتبرهم مؤهلين للتجنيد في الخارج لتجنب استهدافهم المحتمل من قبل الاستخبارات التركية ولضمان أقصى درجات الأمان لعملائه.
ويقوم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بإجراء الاتصال الأولي مع هؤلاء الأشخاص المستهدفين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التوظيف المختلفة، متنكراً في أقنعة مزيفة تتناسب مع احتياجاتهم واهتماماتهم الشخصية.
ويتم دعم القناع المزيف الذي يتم إنشاؤه لضمان عدم شعور الشخص المعني بالخيانة التامة ولتحقيق الراحة النفسية له بدفعات مالية كبيرة وسخية.
وتتم استضافة العملاء الجدد في فنادق فخمة ومترفة خلال رحلاتهم السرية إلى الخارج، ويتم دعوتهم إلى مطاعم راقية وفخمة وإدراجهم في برامج جولات سياحية وزيارات خاصة حصرية، كما يخضع العملاء الذين يتم تجنيدهم حديثاً أيضاً لاختبار كشف الكذب للتحقق من ولائهم.
ويقوم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بدفع المبالغ النقدية الطائلة للعملاء الذين يلتقي بهم في الخارج. وفي حال كان المبلغ كبيراً بما يكفي للتسبب في مشكلات معقدة في الجمارك، يتم تسليمه في حقائب مصممة خصيصاً لهذا الغرض؛ حيث توجد بها أقسام وفواصل سرية؛ وتم تصميم هذه الحقائب المبتكرة لمنع المشاكل المحتملة أثناء التفتيش الدقيق بأجهزة الأشعة السينية والبحث بواسطة الكلاب البوليسية المدربة.
ويتم تدريب العملاء الجدد على التواصل السري الآمن خلال اللقاءات الخارجية السرية. وبعد هذه المرحلة التدريبية المكثفة، يتم تنفيذ مسائل العمليات من خلال نظام التواصل السري المشفر. ويتم تقديم التدريبات المتخصصة على المتابعة اللصيقة، والمراقبة السرية، والتوثيق الدقيق، وإعداد التقارير المفصلة، وأمن العملية من قبل فريق متخصص من المدربين المحترفين من إسرائيل.
معركة مستمرة
ويتم أيضاً تحضير الخطوات الرئيسية للأعمال المحتملة المحظورة مثل تهريب الأشخاص الممنوعين والبضائع المحظورة عبر الحدود من إيران والعراق إلى تركيا، وإيجاد قراصنة كمبيوتر ماهرين في مجال الاختراق، وتوفير منزل آمن للاختباء فيه (Safe House)، وترتيب شركة إسعاف وهمية لاستخدامها في العمليات السرية، من قبل هؤلاء العملاء.
وتواصل المنظمة الوطنية للاستخبارات التركية معركتها الشرسة بلا هوادة ضد عمليات وكالات الاستخبارات الأجنبية الأخرى وامتداداتها، وهذه التفاصيل التي تم الكشف عنها ما هي إلا مجرد البداية. وفعلاً، ففي الذكرى السنوية الـ 97 لتأسيس المنظمة الوطنية للاستخبارات التركية، أوضح رئيس المنظمة إبراهيم كالين ذلك تماماً قائلاً: "إن السبب الرئيسي وراء الادعاءات الكاذبة حول "الحليف غير الموثوق به" الموجهة ضد تركيا هو أن تركيا، كدولة ذات سيادة كاملة ومستقلة تماماً، تتحرك بحزم وثبات لحماية حقوقها المشروعة ومصالحها العليا".
وأكد إبراهيم كالين بكل وضوح أن الاكتفاء الذاتي والقدرة على الردع القوي هما عنصران حيويان وأساسيان لحماية السيادة والاستقلال في عصر التهديدات المتعددة الأبعاد والهشاشة العالمية غير المسبوقة، مشيراً إلى أنه بدون هذين العنصرين الحيويين، لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتبع سياسة مستقلة بحق وأن تضمن سيادتها الوطنية. وأضاف قائلاً: "الردع الحقيقي يعني هذا؛ عندما يرمي شخص ما حجراً عليك، يجب أن يعلم تمام العلم أنه سيتلقى رصاصة قاتلة في المقابل ويجب أن يفكر ملياً قبل أن يلتقط الحجر. ولن يتم ترك أي خيانة أو ضرر يلحق بالدولة والأمة التركية بدون عقاب رادع".
وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضاً عن العملية النوعية التي نفذتها المنظمة الوطنية للاستخبارات ضد الموساد الإسرائيلي، في نفس الاجتماع قائلاً: "هذه العملية الجريئة فاجأت إسرائيل تماماً. ولكن انتظروا قليلاً، فهذه ليست سوى البداية. إنكم لم تتعرفوا على تركيا الحقيقية بعد، ولكنكم مجبرون على التعرف عليها جيداً"، مضيفاً بكل ثقة: "حقاً، إن أصدقاء تركيا الحقيقيين يعرفون قوتها جيداً، أما أعداؤها فسوف يتعلمون ذلك قريباً...".
